وزير تونسي أسبق يكشف عن أمر خطير حول صحراء الجزائر و يوجه رسالة للجزائريين سنسترجعها يوما ( فيديو)
أحمد ونيس هو واحد من أشهر الدبلوماسيين و السياسيين في تونس المعاصرة، علما أنه من مواليد أواخر شهر يناير من العام 1936، يبلغ اليوم من العمر 84 سنة، مما يعني أنه كان شاهدا على أحداث مفصلية من تاريخ دول المغرب العربي التي يعرفها جيدا.
في الجزء الثاني لهذا الحوار الذي قبل أحمد ونيس إجراءه معنا بدون تردد، يحلل ضيفنا بعمق كبير و جرأة أكبر أسباب اختيار المغرب الانفتاح إلى إسرائيل، و يقول إن ما دفع المغرب لذلك هي الجزائر التي تريد تفتيته، كما يقلب معنا بعض صفحات التاريخ ليروي مجموعة من الأحداث المفصلية التي طبعت منطقة شمال أفريقيا بعد استقلالها من الاستعمار الفرنسي، حيث سعت الجزائر لفرض الخارطة الاستعمارية التي سطرتها فرنسا، و قامت بإسقاط نظام المختار ولد دادة في موريتانيا و نفذت عملية قفصة في تونس و أخذت منها صحراءها الغربية، و حاولت كذلك السيطرة على الصحراء المغربية.
تقول في كلامك إن الجزائر احتلت صحراء تونس الغربية و ضغطت لكي تبقي الحدود الموروثة عن الاستعمار، علما أن الجزائر منحها الاستعمار الفرنسي أزيد من مليوني كيلومتر من الصحراء، لكنها في مقابل ذلك كانت لها أطماع في صحراء تونس و في صحراء المغرب.
نعم، كلامك صحيح.
فيديو حصري عن ما حصل بالضبط
- يبدو أن الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة رضخ للهيمنة التوسعية لنظام العسكر في الجزائر في مقابل أن الحسن الثاني لم يرضخ. أنت تبلغ اليوم من العمر 84 سنة، و مع فجر الاستقلال كنت شابا يافعا، ومن المؤكد أن لديك الكثير مما تقوله في هذه النقطة بالذات ؟
سألت شخصيا وزراء الحبيب بورقيبة، و قالوا لي أنهم لم يكونوا راضين عن التنازل البورقيبي على صحرائنا التونسية، علما أن بورقيبة لم يتنازل من الأصل، فعبد العزيز بوتفليقة زاره ثلاث مرات، وأصر عليه ثلاث مرات، و قال: “بالنسبة إليكم في تونس فقط الحبيب بورقيبة يمكن أن يسلم إلينا قطعة الصحراء التونسية، فبعد بورقيبة لا يمكن لأحد أن يسلمها لنا”.- في تونس لم نكن نرضى بهذا، و هكذا فرغم أن بورقيبة كان يرفض في البداية منح الصحراء التونسية للجزائر غير أنه في الأخير قبل بذلك، و لما قبل على مضض وقعنا محضر جلسة سنة 1968 و لم نذهب إلى رسم معالم الحدود إلا بعد أكثر من 10 سنوات، و بالضبط من 1983 إلى 1995.
- لما تم التوقيع على محضر الجلسة التي اعترف بموجبها بورقيبة بتسليم تلك القطعة الصحراوية للجزائر، سأله وزراءه: “لماذا يا سي الحبيب تقبل بالتنازل بعدما وقفت بصمود ضد هذه المطالب الجزائرية”، فقال لهم بورقيبة: “يأتي يوم و تدركون أنني منعتكم من قنبلة موقوتة”.
- و كيف تفسر هذا قرار الحبيب بورقيبة هذا الذي لم يكن عليه إجماع في تونس ؟
الحبيب بورقيبة كان يدرك النوايا الخبيثة التي كانت لدى هواري بومدين. سأذكر لك ذلك نقطة مهمة، فالباجي قائد السبسي رحمه الله قالها في مذكراته، التي أصدرها في شهر مارس من العام 2009، يقول فيها بالحرف الواحد ما ألخصه لكم الآن: “سألت الحبيب بورقية: “سيدي الرئيس كيف قبلتم بهذا التنازل ؟”، فأجاب بورقيبة: “نعم قبلت بهذا، لكن يأتي يوم و ستدركون أنني نجيتكم من قنبلة موقوتة. تونس كسبت السلام، وهي مساهمتي الثمينة إلى تونس”، و الحبيب بورقيبة أدرك خطأه بعد الاعتداء على قفصة. - وما الذي أراد في اعتقادك هواري بومدين صنعه في شمال إفريقيا. هل أراد تأسيس إمبراطورية بومدينية كبيرة على حساب أراضي المغرب و الجزائر ؟
أولا يجب أن نعرف أن أقدم الدول في المنطقة هي تونس و المملكة المغربية، نحن من أقدم الدول في المنطقة و كذلك مصر، أما الجزائر فالاستعمار الفرنسي هو الذي جعل منها دولة بهذا الحجم.
الاستعمار الفرنسي نفسه أخد من المغرب منطقة تندوف و كولون بشار و سلم إلى إسبانيا شمال المملكة المغربية و جنوبها، اضافة إلى بعض الثغور على غرار سيدي إيفني ومقاطعات أخرى على المحيط. أما بالنسبة إلى تونس فالحاكم الفرنسي في الجزائر و المقيم العام في تونس وقعوا في ما بينهما أن قطعة الأرض الصحراوية التابعة لتونس ستصبح جزائرية و تابعة للمستعمرة الجزائرية التابعة لفرنسا.
وهكذا ففرنسا هي التي سطرت الخريطة الاستعمارية التي ضايقت فيها الدول التاريخية القائمة المملكة المغربية وتونس و ضمت مجموعة من الأراضي إلى الجزائر، لأنها كانت تتوهم أنها ستبقى فرنسية إلى الأبد، و لما حاربنا جميعها الاستعمار الفرنسي و فزنا (المغرب وتونس و الجزائر) كنا نؤمن أننا سنبني المغرب الكبير، على أساس استعادة حدود الدول التاريخية كيفما كانت قبل العدوان الاستعماري، ليس كما أصبحت بعد العدوان الاستعماري، فجميعنا كنا نؤمن بهذا.
الملك الحسن الثاني في قمة أديس أبابا لما وقع الاعلان عن تأسيس منظمة الوحدة الافريقية لم يكن يرضى بالخريطة الاستعمارية في شمال أفريقيا، فهو رفض التوقيع مع زملائه من أجل هذا المبدأ، لكنه في النهاية دخل المنظمة و بقي على عقيدته، و هو المذهب الصحيح. بالنسبة إلينا في تونس و المغرب فنزع الاستعمار ليس وحده الغاية، إنما الغاية هي استعادة الدولة كما كانت قبل الاستعمار، و هذا الأمر بقينا عليه مذهبيا في تونس، و نفس الشيء في المغرب، عكس الجزائر التي تعتبر نفسها المحقق و المنفذ للمذهب الاستعماري و تعتبر أنه من الواجب عليها أن تخلد على الارض الأرض الوَرْثَة الاستعمارية، بحيث أن مفهوم نزع الاستعمار هو مشوش و متناقض و غير مقبول بالنسبة للدول التي كان لها كيان قبل الاستعمار، أما الدول التي كانت دولا تقليدية و ليست دولا عصرية مثلما كنا في تونس و مثلما كانت المملكة المغربية، فلا يمكنها أن قبل بالوَرْثَة الاستعمارية و بالخريطة السياسية الاستعمارية.
بالنسبة إلينا ففوز المملكة المغربية بهذا المفهوم و بهذا المنطق سينجي المغرب و سينجينا في تونس، لذلك فنحن نساندكم و لا نرضى بانهزامكم، لأن انهزامكم ينذر بانهزامنا. لو تسقط المملكة المغربية فالدور سيأتي علينا، علما أن الجزائر هي من سبق لها و أن أسقطت دولة المختار ولد دادة، هي تسعى منذ العدوان على أمغالا إلى إسقاط دولة المغرب و الحمد لله إن المملكة المغربية ثابتة و قائمة على المفاهيم الصحيحة و واقفة بكل صمود أمام العدوان.