غسيل الملائكة
جمعينا يعلم أن الشهيد لا يغسل ولا يكفن، ولكن أخبرنا النبي صلى هللا عليه وآله وسلم
عن أحد الشهداء غسلته الملائكة بعد أن استشهد في غزوة أحد، فما قصته.
كان – رضي هللا عنه – يريد الزواج لم يجد زوجة ومالا ليتزوج ، فقام الرسول – صلى هللا
عليه وسلم – بجمع له المهر وتزوج ، إنه الصحابي الجليل حنظلة بن أبي عامر – رضي
هللا عنه وأرضاه – ، وتزوج من الصحابية جميلة بنت أبي سلول .
وفي ليلة زفافه ، وقبيل الفجر بقليل سمع المنادي ينادي : “ حي على الجهاد “ ، وذلك
للخروج لغزوة أحد ، فقام مسرعا من فراشه وفزعًا ليلحق بركب الجهاد ، حتى أنه نسي أن
يغتسل .
وخرج مع المجاهدين إلى أرض المعركة ، وأشهر سيفه في وجه العدو ، وشاط في رماح
القوم ، وقاتل قتالا شديدا ، قتال من لا يخشى الموت ، حتى كادت المعركة على الإنتهاء
أتته ضربة غادرة ، فوقع شهيًدا رضي هللا عنه وأرضاه .
وبعد انتهاء الغزوة تفقد الصحابة الشهداء والجرحى ، عندها رأى رسول هللا أن الملائكة
تغسل حنظلة ، وقال عليه الصلاة والسلام : “ إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي
عامر بين السماء والأرض ، بماء المزن في صحاف الفضة “ .
قال أبو أسيد الساعدي وهو أحد الصحابة : ذهبنا فنظرنا إليه فإذا رأسه يقطر ماء .
ولما سألوا زوجته عما حدث ، قالت : خرج وهو على جنب لما سمع منادي الجهاد ، ونسي
أن يغتسل .
فسمي من ذلك الحين غسيل الملائكة ، ثم لحدوه ووضعوه في القبر ، وبينما الصحابة
الكرام كانوا يحفرون له قبره ليدفنوه ، رأى سيدنا عمر بن الخطاب بللًا في يديه ، فشمها
فإذا هي رائحة المسك ، وبقيت هذه الرائحة عالقة في يد عمر أسبوعًا أو أكثر ، ثم عفروه
بالتراب .
وحين كان وقت دفن حنظلة ، رأى الصحابة أن سيدنا محمد – صلى هللا عليه وسلم –
كان يمشي على أطراف أصابع قدميه ، فسألوه عن ذلك فقال : “ ما وجدت مكانًا أضع
فيه قدمي من كثرة الملائكة التي غطت بين السماء والأرض “ ، وقال صلى هللا عليه
وسلم : أنه رأى زوجات حنظلة من الحور العين وقد جئن يرحبن به ، ويأخذنه من الدنيا
وتعبها.
ومن ذلك الحين أفتخر الأوس أن رجلا منهم قامت الملائكة بتغسيله .